أسباب نزيف اللثة

يُعد نزيف اللثة من المشكلات الصحية الشائعة التي تواجه كثيراً من الأشخاص على اختلاف أعمارهم، ويُعتبر عرضاً يدل على وجود خلل أو التهاب في أنسجة اللثة أو في الحالة الصحية العامة للفم والأسنان. نزيف اللثة قد يحدث أثناء التنظيف بالفرشاة، أو عند استخدام خيط الأسنان، وأحياناً يظهر بشكل تلقائي دون أسباب واضحة. هذا المقال يستعرض بشكل موسع أسباب نزيف اللثة من منظور طبي وعلمي، متناولاً العوامل المباشرة وغير المباشرة التي تساهم في حدوثه، مع شرح لكيفية تأثير كل سبب على صحة اللثة، ويهدف إلى تقديم محتوى غني وموسع يغطي كل الجوانب المتعلقة بهذا العرض الصحي.

تعريف نزيف اللثة

نزيف اللثة هو خروج دم من أنسجة اللثة المحيطة بالأسنان، والذي غالباً ما يكون علامة على تهيج أو التهاب في هذه الأنسجة، لكنه قد يكون أيضاً دليلاً على مشكلات صحية أعمق تتطلب اهتماماً طبياً عاجلاً. طبيعة النزيف تكون متفاوتة من حيث شدتها، فقد يكون نزيفاً بسيطاً وسريعاً أو نزيفاً متكرراً ومستمراً، مما يشير إلى مستوى مختلف من المشكلة الصحية.

تشريح اللثة ودورها في صحة الفم

اللثة هي النسيج الرخو الذي يغطي عظام الفك ويحيط بالأسنان من جميع الجهات. تقوم اللثة بحماية جذور الأسنان والعظام من الالتهابات والجراثيم. تعتمد صحة اللثة على التوازن الدقيق بين البكتيريا والفطريات الموجودة في الفم وفاعلية جهاز المناعة، إضافة إلى العناية اليومية التي تشمل التنظيف الجيد للفم والأسنان.

عند حدوث اختلال في هذا التوازن، مثل تراكم البلاك (Plaque) أو الجير (Tartar)، تبدأ أنسجة اللثة في الالتهاب، مما يؤدي إلى تورمها وحساسيتها، وهنا يبدأ النزيف عند ملامستها أو الضغط عليها.

الأسباب الرئيسية لنزيف اللثة

1. التهاب اللثة (Gingivitis)

يُعتبر التهاب اللثة السبب الأكثر شيوعاً لنزيف اللثة. يحدث التهاب اللثة بسبب تراكم البلاك على سطح الأسنان وعلى طول خط اللثة. البلاك هو طبقة لزجة تتكون من البكتيريا وبقايا الطعام، وإذا لم يتم إزالتها بانتظام، تتحول إلى جير متصلب يصعب إزالته بالفرشاة وحدها.

يؤدي التهاب اللثة إلى تورم الأنسجة، واحمرارها، وحساسيتها، مما يجعلها تنزف بسهولة أثناء تنظيف الأسنان أو حتى عند تناول الطعام الصلب. التهاب اللثة في مراحله الأولى لا يصاحبه ألم حاد، مما قد يجعل الشخص يتجاهل الحالة.

2. التهاب دواعم السن (Periodontitis)

في حال تجاهل التهاب اللثة ولم يُعالج، يمكن أن يتطور إلى التهاب أعمق يسمى التهاب دواعم السن. في هذه الحالة، ينتقل الالتهاب إلى الأنسجة الداعمة للأسنان، بما في ذلك العظم المحيط بها.

التهاب دواعم السن يؤدي إلى تدمير الأنسجة والعظام التي تثبت الأسنان في مكانها، مما يسبب نزيفاً أكثر حدة للثة، بالإضافة إلى ظهور جيوب بين الأسنان واللثة تجمع البكتيريا وتزيد من التهيج. إذا لم يُعالج التهاب دواعم السن، فقد يؤدي إلى فقدان الأسنان.

3. سوء العناية بنظافة الفم

عدم الالتزام بتنظيف الفم والأسنان يومياً، وبطريقة صحيحة، هو سبب مباشر لتراكم البلاك والجير، وبالتالي حدوث التهابات ونزيف في اللثة. استخدام فرشاة غير مناسبة أو تنظيف بقوة زائدة يمكن أن يتلف أنسجة اللثة ويؤدي إلى نزيف.

4. الاستخدام غير الصحيح لخيط الأسنان أو الأدوات الفموية

استخدام خيط الأسنان بشكل خاطئ، مثل إدخاله بعنف بين الأسنان، قد يسبب جروحاً في اللثة ونزيفاً. كذلك، استعمال أعواد الأسنان أو أدوات تنظيف أخرى غير معقمة أو غير مناسبة قد يزيد من تهيج الأنسجة ويؤدي إلى النزيف.

5. نقص الفيتامينات والمعادن

تلعب الفيتامينات دوراً مهماً في صحة اللثة، خصوصاً فيتامين C وفيتامين K. نقص فيتامين C يسبب مرض الإسقربوط الذي يتميز بضعف الأنسجة ونزيف اللثة. نقص فيتامين K يؤثر على قدرة الدم على التجلط، مما يزيد احتمالية النزيف في اللثة وأماكن أخرى في الجسم.

6. التدخين وتأثيره على اللثة

التدخين يقلل من تدفق الدم إلى أنسجة اللثة، مما يؤدي إلى تقليل قدرة الجسم على محاربة الالتهابات. المدخنون معرضون أكثر لخطر الإصابة بأمراض اللثة، وقد يظهر نزيف اللثة لديهم بشكل أقل وضوحاً بسبب تأثير التدخين على الأوعية الدموية، مما يعقد التشخيص المبكر.

7. الأمراض المزمنة والحالات الصحية العامة

أمراض مثل السكري تؤثر بشكل كبير على صحة اللثة، حيث تقل قدرة الجسم على مقاومة العدوى وتتعرض الأنسجة للالتهابات بسهولة أكبر. كذلك بعض الحالات الدموية، مثل اضطرابات تخثر الدم (الهيموفيليا) أو أمراض الكبد، تزيد من احتمالية حدوث نزيف اللثة.

8. التغيرات الهرمونية

التغيرات الهرمونية لدى النساء خلال فترة الحمل، أو في مرحلة البلوغ أو الدورة الشهرية، تؤثر على اللثة وتجعلها أكثر عرضة للنزيف بسبب زيادة تدفق الدم وارتفاع حساسية الأنسجة.

9. الأدوية

تناول بعض الأدوية مثل مميعات الدم، أو أدوية علاج الصرع، أو أدوية تثبيط المناعة قد يسبب نزيف اللثة كأثر جانبي. بعض الأدوية قد تسبب أيضاً تضخم اللثة، مما يسهل حدوث النزيف.

10. الصدمات والإصابات

أي إصابة مباشرة في الفم أو اللثة، سواء من أدوات الطعام أو الحوادث، قد تؤدي إلى نزيف اللثة، خصوصاً إذا كان ناتجاً عن جرح أو تمزق في الأنسجة.

11. سوء التغذية ونقص الماء

قلة شرب الماء تؤدي إلى جفاف الفم، مما يساهم في تراكم البكتيريا والجير على الأسنان واللثة. التغذية غير المتوازنة التي تفتقر إلى العناصر الغذائية اللازمة تجعل الأنسجة أضعف وأكثر عرضة للنزيف.

العلاقة بين نزيف اللثة وأمراض الفم الأخرى

نزيف اللثة قد يكون علامة أولية لأمراض أكثر تعقيداً في الفم والأسنان، ويشير إلى وجود مشكلة صحية تحتاج لعناية عاجلة. فمثلاً، تراكم البكتيريا والالتهابات قد تؤدي إلى تكون خراجات، أو تسوس الأسنان، أو حتى فقدان الأسنان. لذلك، تعتبر مراقبة نزيف اللثة ومتابعته بانتظام جزءاً أساسياً من العناية الصحية الفموية.

تشخيص نزيف اللثة

يقوم طبيب الأسنان بتشخيص سبب النزيف من خلال الفحص السريري، مراجعة التاريخ الطبي للمريض، وربما إجراء صور أشعة للفم والأسنان. كما يتم تقييم حالة اللثة من حيث التورم، لونها، وجود جيوب مرضية، ونوعية النزيف (متى وأين يحدث). أحياناً يتم طلب فحوصات دم للتحقق من وجود نقص في الفيتامينات أو مشاكل في تخثر الدم.

الوقاية من نزيف اللثة

الحفاظ على نظافة الفم والأسنان هو الخطوة الأهم لمنع نزيف اللثة. تنظيف الأسنان مرتين يومياً باستخدام فرشاة مناسبة، وخيط الأسنان بانتظام، وزيارة طبيب الأسنان دورياً لإزالة الجير وفحص صحة اللثة.

النظام الغذائي المتوازن والغني بالفيتامينات، خاصة فيتامين C وK، يساعد على تعزيز قوة وصحة أنسجة اللثة. الإقلاع عن التدخين والتحكم في الأمراض المزمنة مثل السكري يلعبان دوراً محورياً في الوقاية.

علاج نزيف اللثة

العلاج يعتمد على السبب الرئيسي للنزيف. في حالة التهاب اللثة، ينصح باستخدام معاجين وأساليب تنظيف مناسبة، وإجراء تنظيف عميق للأسنان عند طبيب الأسنان. في حالات التهاب دواعم السن قد يتطلب العلاج تدخلات أكثر تخصصاً مثل تنظيف الجيوب العميقة أو استخدام مضادات حيوية.

النقص الغذائي يعالج بتناول المكملات أو تعديل النظام الغذائي. في الحالات المرتبطة بالأدوية، قد يقوم الطبيب بمراجعة الجرعات أو تبديل الأدوية.

جدول يوضح أهم أسباب نزيف اللثة وتأثيرها

خاتمة

نزيف اللثة عرض مهم يعكس حالة صحة الفم بشكل عام، ويتطلب الانتباه الفوري لتجنب تطوره إلى مشاكل أكثر خطورة. الأسباب متعددة وتتراوح بين سوء النظافة اليومية، الالتهابات البكتيرية، العوامل الغذائية، وصولاً إلى التأثيرات الهرمونية أو الأمراض المزمنة. الفهم العلمي الدقيق لهذه الأسباب يمكن أن يساعد في الوقاية والعلاج المبكر، مما يحافظ على صحة الفم والأسنان ويقي من مضاعفات قد تؤثر على جودة الحياة.

المصادر والمراجع

1. American Academy of Periodontology (AAP). “Gum Disease and its Causes.”

2. Mayo Clinic. “Bleeding Gums.”

هذه المصادر تعكس أحدث الدراسات والإرشادات الطبية المتعلقة بصحة اللثة وعلاج نزيفها.